-->
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

التشريع الجنائي الإسلامي ومنهجه في حفظ الحقوق

 

التشريع الجنائي الإسلامي ومنهجه في حفظ الحقوق

مدخل تهميدي:

إن الدين الإسلامي دين كامل وشامل لكل أمور الحياة، حيث لم يكتف بتشريع العبادات للناس، بل حكم ونظم كافة شئون الحياة الدنيا أيضاً، فسن للناس قواعد ونظماً يسيرون عليها ويهتدون بها، فمن أخذ  بها فقد رشد وأنقذ  نفسه، ومن مال عنها فإن الإسلام قد قرر له عقوبات رادعة على حسب جنايته، وهذه العقوبات لم تشرع جزافا، بل إن للعقوبات في الإسلام أهدافا سامية ومقاصد حميدة يحافظ الإسلام بها على كيان المجتمع من الوقوع في هاوية  الرذيلة.
  • ما مفهوم التشريع الجنائي في الإسلام؟
  • وما منهجه في صون الحقوق؟
  • ما هي خصائص حقوق الإنسان في الإسلام وما مقاصدها؟

النصوص المؤطرة للدرس:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
[سورة البقرة، الآية: 179]
عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْرَءُوا الحُدُودَ عَنِ المُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي العَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي العُقُوبَةِ».
[سنن الترمدي]

دراسة النصوص وقراءتها:

I – عرض النصوص وقراءتها:

1 – القاعدة التجويدية (أحكام الميم الساكنة):

الميم الساكنة: عندما يأتي أحد حروف الهجاء غير الباء والميم، حكمها هنا: الإظهار، ويسمى إظهارا شفويا، وتكون أشد إظهارا عند الواو والفاء، والإظهار: وجوب عدم الغن في الميم الساكنة عندما يأتي بعدها أحد حروف الهجاء غير الباء والميم.

II – توثيق النصوص والتعريف بها:

1 – التعريف بسورة البقرة:

سورة البقرة: مدنية، عدد آياتها 286 آية، وهي السورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف الشريف، وهي أول سورة نزلت بالمدينة المنورة، سميت بهذا الاسم إحياء للمعجزة التي ظهرت في زمن موسى عليه السلام، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر عل موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله إليه أن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانا على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت، سورة البقرة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع شأنها كشأن سائر السور المدنية التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم.

2 – التعريف بعائشة رضي الله عنها:

عائشة: هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، إحدى زوجات النبي ﷺ، وإحدى أمهات المومنين، ولدت في السنة الرابعة بعد البعثة، تزوجها الرسول ﷺ وهي صغيرة السن، روت كثيرا من الأحديث وخاصة ما يتعلق بحياة الرسول ﷺ الشخصية، كانت من أفقه الصحابة وأعلمهم بالأحكام، توفيت سنة 58 هجرية ليلة السابع عشر من رمضان.

III – فهم النصوص:

1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:

  • ادرءوا: ادفعوا.
  • القصاص: أن يوقع على الجاني مثل ما جنى.
  • الألباب: جمع لبيب، وهو العاقل.
  • الحدود: جمع حد، لغة: هو الحاجز بين شيئين، وشرعا: عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى.

– المضامين الأساسية للنصوص:

  • بيان وظيفة التشريع الجنائي الإسلامي المتمثلة في حفظ الضروريات الخمس ومنهجه في ذلك.
  • العدل والرحمة من سمات التشريع الجنائي الإسلامي.

تحليل محاور الدرس ومناقشتها:

I – السياق التربوي والحقوقي للتشريع الجنائي في الإسلام:

1 – موقع التشريع الجنائي في منظومة الحقوق في الإسلام:

أ – مفهوم التشريع الجنائي في الإسلام:
التشريع الجنائي في الإسلام: هو مجموع الأحكام الشرعية المحددة للعقوبات المفروضة على من اعتدى على إحدى الضروريات الخمس، أو حق من الحقوق فألحق بها ضررا خفيفا أو شديدا.
ب – مفهوم الجناية في الشريعة الإسلامية:
الجناية في الشريعة الإسلامية: هي كل فعل مضر حرمته الشريعة من قول أو عمل يحدثه الإنسان ضد نفسه أو ضد غيره من الناس، سواء تعلق الأمر بالإضرار بالمعتقد أو بالنفس أو بالنسل أو بالعقل، أو بالعرض أو بالمال.
ج – أقسام الجناية في الشريعة الإسلامية:
لقد رتب الإسلام عقوبات على كل فعل حرمه الشرع، وتنقسم إلى:
  • الحدود: جمع حد وهي عقوبة مقدرة شرعا على ذنب سواء كانت حق للعبد أو لله.
  • التعازير: وهي تأديب على ذنب لا حد فيه ولا  كفارة.
  • الديات: وهي اسم للمال الذي يدفع لأهل القتيل عوضا عن دم وليهم وتطييبا لخاطرهم من قبل من يجب عليه ذلك.

2 – السياق التربوي للتشريع الجنائي في الإسلام:

ارتبط التشريع الجنائي في الإسلام بغيره من مكونات الدين من عقيدة وعبادات انطلاقا من قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
  • العقيدة أساس التشريع الجنائي في الإسلام: فهي تحيي ضمير المجتمع، وتفعل الرقابة الذاتية للأفراد على نوازعهم وسلوكياتهم، فتقي كل واحد منهم بوازع من الدين من التفكير في ارتكاب جرم.
  • العبادات دعامة التشريع الجنائي في الإسلام: توقظ الضمير، وتزكي النفوس من نوازع الشر وتبعد بها عن حافة الانحراف ومزالق الجريمة، لهذا ارتبطت العبادة في الإسلام بالتربية الذاتية والتزكية الروحية.

3 – السياق الحقوقي للتشريع الجنائي في الإسلام:

إن أهم ما يتميز به التشريع الجنائي في الإسلام ارتباطه بسياق حقوقي تكفله منظومة من التشريعات الوقائية التي تحقق مقاصدها، فعن:
  • طريق العدالة الاجتماعية، حارب الإسلام الفقر وفرض الزكاة، وحرم المفاسد الاقتصادية كالربا والاحتكار والرشوة للحد من ارتكاب جرائم الأموال كالسرقة.
  • طريق التعفف حارب الإسلام المجون للحد من جريمتي الزنى والقذف.
  • طريق تكريم العقل وتحريم الخمر حارب الإسلام السكر باعتباره يسبب في نسبة عالية من الجرائم.
  • فإذا اختلت إحدى شروط السياق الحقوقي للتشريع الإسلامي أوقف ولي الأمر تطبيق الحدود مؤقتا حتى تتحقق الظروف المواتية، لأن تطبيقها في هذه الحالة يعد إخلالا بميزان العدالة.

II – وظيفة التشريع لجنائي الإسلامي في حماية الحقوق:

رتب الإسلام عقوبات زجرية على كل اعتداء نتج عنه ضرر بإحدى الضروريات الآتية: الدن أو النفس أو العقل أو العرض أو النسل أو المال، وهذه التشريعات منهج فعال في صون الحقوق الأساسية للإنسان من كل اعتداء:
  • حماية الأنفس والأمن الاجتماعي: بالنظر إلى نص الانطلاق شرع الإسلام القصاص جزاء للجاني وفاقا للجريمة التي ارتكبها في حق النفس، وأول الحقوق في القصاص قتل النفس والجروح، ويسقط القصاص بعفو صاحب الدم مقابل دية أو تفويض في حالة الجروح.
  • حماية الأعراض والنظام الاجتماعي: لما هيأ التشريع الإسلامي مناخ العفة، الأصل في الناس البراءة، فحصن الرجال والنساء، وحرم اتهام أحدهم الآخر بالزنى دون بينة شرعية، وعد هذا الفعل قذفا يوجب حدا.
  • حماية الأموال وحق التملك: اعتبر السارق معتديا على مال حصنه الشرع، وعد عمله اعتداء على ملكية خاصة في حرز فأوجب حد السرقة.

III – خصائص التشريع الجنائي في الإسلام:

الإسلام يوفر لأفراد المجتمع من الحقوق ما يكفيهم بحيث يصبح ارتكاب الجريمة في حد ذاته هو الوحشية، والإسلام لا يقضي بهذه العقوبات الرادعة إلا في حالة التأكد المطلق الذي لا شبهة فيه عن طريق وسائل الإثبات المتفق عليها، (الاعتراف، والشهادة بشروطها، واليمين، والقرائن المصاحبة)، وعلى الرغم من أن العقوبات الإسلامية قد تبدو في بعض الحالات عنيفة وقاسية إلا أنها لا تطبق بتسرع، أو لمجرد الشبهة وإنما هي محكومة بعدد من الإجراءات الدقيقة التي ينبغي توافرها قبل إدانة المجرم، مما يجعل تحقيقها قليلاً إن لم يكن نادراً، ويمكن القول بأنها وضعت للردع والتحذير وتخويف المسلم من أن هناك جرائم لا يرضى عنها اللَّه تعالى، الذي هو أرحم الراحمين وأعدل العادلين، وقد كان لتحديد هذه العقوبات بهذه الصورة أثر بالغ في تكوين ضمير جماعي لدى المسلمين عبر العصور وفي كل المجتمعات تقريباً، وهذا الضمير جعلهم يمتنعون عن ارتكاب الجرائم من منطلق ديني أكثر من خوفهم من تشريع مدني، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

دروس الباك 2bac

2018


تطوير

Aissa Ezzamzami