-->
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

أصول المعرفة الإسلامية (الإجتهاد: ضرورته ومقاصده وضوابطه)

 

أصول المعرفة الإسلامية (الإجتهاد: ضرورته ومقاصده وضوابطه)

مدخل تهميدي:

إذا كانت الواقعة لا نص على حكمها أصلا ففيها مجال متسع للاجتهاد، لأن المجتهد يبحث ليصل إلى معرفة حكمها بواسطة القياس، أو الاستحسان، أو الاستصحاب، أو مراعاة العرف، أو المصالح المرسلة، فالخلاصة، إن مجال الاجتهاد أمران: ما لا نص فيه أصلا، وما فيه نص غير قطعي، ولا مجال للاجتهاد فيما فيه نص قطعي.
  • فما العلم الضروري المؤهل للتعامل الراشد مع الاجتهاد؟
  • وكيف يمكن تحصيله؟

النصوص المؤطرة للدرس:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾.
[سورة التوبة، الآية: 122]
عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟»، قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ،، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟»، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟»، قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَلَا آلُو، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ، رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ».
[أخرجه أبو داود]

دراسة النصوص وقراءتها:

I – عرض النصوص وقراءتها:

1 – الوقوف على قاعدة من قواعد التجويد (الإدغام):

الإدغام: هو التقاء حرف ساكن بحرف آخر متحرك بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً من جنس الثاني يرتفع اللسان عند النطق بهما، وله ستة أحرف مجموعة في كلمة (يرملون).

II – توثيق النصوص والتعريف بها:

1 – التعريف بسورة التوبة:

سورة التوبة: مدنية ماعدا الآيتان 182 و129 فهما مكيتان، عدد آياتها 129 آية، وهي السورة التاسعة في ترتيب المصحف الشريف، نزلت بعد سورة المائدة، سميت بهذا الاسم لما فيها من توبة الله على النبي ﷺ والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم، وعلى الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع، وهي من أواخر ما نزل على رسول الله ﷺ، لهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان إلى جانب الأحكام الأخرى، هما: بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين وأهل الكتاب، وإظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول ﷺ لغزو الروم.

2 – التعريف بمعاذ بن جبل:

معاذ بن جبل: هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري، وكنيته أبو عبد الرحمن، إمام وفقيه وعالم، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، شهد بدرًا والمشاهد كلها مع الرسول ﷺ، وأردفه الرسول وراءه، وشيعه ماشيًا في مخرجه وهو راكب، وبعثه قاضيًا إلى الجند من اليمن بعد غزوة تبوك وهو ابن ثمانٍ وعشرين سنة ليعلِّم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم، توفي في السنة 17 من الهجرة النبوية في طاعون عمواس وعمره 33 سنة.

III – فهم النصوص:

1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:

  • لينفروا: ليخرجوا غزاة.
  • يحذرون: يحتاطون.

2 – المضامين الأساسية للنصوص:

  • اختصاص طائفة من الأمة بمهمة الاجتهاد.
  • وجوب الاجتهاد في حال عدم وجود نص من الكتاب والسنة.

تحليل محاور الدرس ومناقشتها:

I – الاجتهاد ضرورة شرعية وحضارية:

1 – مفهوم الاجتهاد ومنزلته:

أ – مفهوم الاجتهاد:
الاجتهاد: لغة: بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل، ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد ومشقة، واصطلاحا: استفراغ الجهد وبذل غاية الوسع إما في إدراك الأحكام أو تطبيقها.
ب – منزلة الاجتهاد:
الاجتهاد منهج المسلم للتفاعل الشرعي مع كل من الوحي والكون واستنطاقهما لاستنباط السنن واستدرار الحكم وفقه آيات الوحي، وهو سمة المسلم الثابتة يسعى إليه ما أمكنه ذلك.

2 – تعريف المجتهد ومنزلته:

أ – تعريف المجتهد:
المجتهد: هو الفقيه العالم المؤهل الذي يستفرغ وسعه لتحصيل حكم شرعي.
ب – منزلة المجتهد:
للمجتهد منزلة عالية في الإسلام لاشتغاله ببيان أحكام الله سبحانه، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن والسنة ترفع من شأن العلم وأهله.

3 – حكم الاجتهاد وحجيته:

أ – حكم الاجتهاد:
الاجتهاد ضرورة شرعية وفريضة على الأمة، ولكنه فرض كفائي إذا قام القدر الكافي سقط عن الباقين، فالناس لابد لهم من فهم أساسيات دينهم، والإجابة عن استفساراتهم وخواطرهم اليومية.
ب – حجية الاجتهاد:
فرضية الاجتهاد وضرورته ثابتة بنصوص القرآن والسنة والإجماع، فمن القرآن قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
وتعتبر أحكام المجتهدين أحكاما شرعية ملزمة لأصحابها، وكل من لا يستطيع الاجتهاد بنفسه وخاصة إذا لم يوجد غير هذا الاجتهاد، أما في حالة تعدد الاجتهادات فيجب أن لا يخرج في اختياره عنها.

4 – مقاصد الاجتهاد:

  • خلود الشريعة الإسلامية وعالميتها: إذ الشريعة جاءت بأصول ثابتة تتميز بالسعة والمرونة، لتواكب الحياة ومستجداتها في كل العصور وإلى قيام الساعة.
  • قيومية الدين الإسلامي: فبالاجتهاد يتحقق تنريل مراد الله تعالى على الواقع الإنساني، ويصير متفاعلا بأوامر الوحي.
  • تحقيق العدالة وضمان الحقوق: وذلك بحفظ المقاصد الضرورية في الإسلام (الدين، النفس، العقل، العرض، والمال)، إذ أن الاجتهاد يسعى إلى تحقيق مصالح الناس، وحاجاتهم، ودفع الضرر والحرج عنهم.

II – مجالات الاجتهاد واسعة وأنماط ممارسته متعددة:

1 – سعة فضاء الاجتهاد ومجالاته:

الاجتهاد يعم كل مجالات الحياة الفكرية والمعرفية والسلوكية وغيرها، إلا أن مجال الفقه والتشريع هو الأهم من ذلك كله، نظرا لكثرة القضايا والنوازل والمستجدات التي يحتاج المسلمون إلى معرفة حكمها الشرعي.

2 – ما يجوز فيه الاجتهاد وما لا يجوز:

كل قضية أو واقعة لم يرد فيها نص أصلا، أو ورد فيها دليل ظني الورود أو ظني الدلالة، أو هما معا، فمجال الاجتهاد فيها مفتوح لأنها تتعلق بجزئيات وتفاصيل لا ينتج عن الاختلاف فيها إبطال لأصل الشريعة والدين، وهنا لا يجوز تأثيم أو تكفير المجتهد المخالف في مثل هذه القضايا، لأن المشرع جعلها كذلك رحمة وتوسعة، بخلاف من أنكر القطعيات من أصول الدين والعمل، أما ما دل على حكمه نص قطعي الثبوت والدلالة فإنه لا مجال للاجتهاد فيه بأي حال، لأنه يمثل أصول الدين وثوابته، والاجتهاد فيها يؤدي إلى إبطال أصل الدين، مثل: الإيمان بالله والبعث والجزاء، وفرضية الصلاة والزكاة، وقسمة المواريث، وحرمة الربا والخمر …

3 – أقسام الاجتهاد بجوانبه المتعددة:

من حيث التجزؤ وعدمه، ينقسم إلى:
  • الاجتهاد الجزئي: ويكون من العالم المتخصص في بعض الأبواب أو القضايا أو المسائل فقط دون غيرها.
  • الاجتهاد الكلي: وهو بلوغه رتبة الاجتهاد في سائر الأحكام الشرعية.
وفي كل منهما يجب أن يتوفر المجتهد على الملكة العلمية العامة.
ومن حيث الإطلاق والانضباط بأصول أحد المذاهب، ينقسم إلى:
  • مجتهد مطلق: وهو المعتمد على علمه ومداركه في الاستنباط.
  • مجتهد مذهب (منتسب): وهو الملتزم بأصول ومسالك الاستدلال لأحد الأئمة المجتهدين المعروفين.
ومن حيث جدة الاجتهاد وعدمه، ينقسم إلى:
  • الاجتهاد الانشائي: وهو استنباط المجتهد لحكم جديد لم يسبق إليه في مسألة ما، وهذا يغلب في القضايا المستجدة.
  • الاجتهاد الانتقائي: وهو اختيار وترجيح رأي من بين الآراء المنقولة عن السابقين.
ومن حيث الجهة المصدرة للاجتهاد، ينقسم إلى:
  • الاجتهاد الفردي: وهو الصادر عن مجتهد واحد.
  • الاجتهاد الجماعي: وهو الصادر عن جماعة من المجتهدين، وهذا النوع له أهميته الكبرى خاصة في هذا العصر للخروج بالأمة من البلبلة الفكرية وحالة التخاذل الثقافي الذي تعاني منه.

III – شروط الاجتهاد وضوابطه:

1 – شروط قبول الاجتهاد:

  • الإسلام: فلا عبرة باجتهاد غير المسلم لعدم أهليته وعدم الثقة في اجتهاداته.
  • التكليف: باعتباره مناط الإدراك والتمييز والوعي.
  • العدالة: وهي ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس، وخوارم المروءة.

2 – شروط صحة الاجتهاد:

  • العلم بالقرآن الكريم وأحكامه الشرعية التي جاء بها، وطرق الاستنباط.
  • العلم بالسنة النبوية الشريفة والإلمام بها وبالأحكام الشرعية الواردة بها.
  • العلم باللغة العربية وفنونها وطرق دلالات عباراتها باعتبارها أداة فهم الوحيين.
  • العلم بأصول الفقه ليصبح عالما بمدرك الأحكام الشرعية.
  • العلم بمقاصد الشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا، فبواسطتها يكون التنزيل والفهم الصحيح.
  • العلم بقواعد الفقه الكلية لاكتساب ملكة فهم قصد الشارع.
  • العلم بمواقع الإجماع حتى لا يجتهد أو يفتي بخلافه.
  • العلم بأحوال وواقع العصر الذي يعيش فيه، لتكييف الوقائع المجتهد فيها مع ذلك …

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

دروس الباك 2bac

2018


تطوير

Aissa Ezzamzami