أصول المعرفة الإسلامية (السنة النبوية)
مدخل تهميدي:
ابتعد المسلمون عن سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وتنكبوا عنها، ظنا منهم
أن ما كان صالحا في عهده صلى الله عليه وسلم ليس صالحا لعصرنا، ناسين أو
متناسين أن شرع الله المتمثل في كتاب الله وسنة نبيه صالح لكل زمان ومكان.
- فما هي يا ترى أسباب ذلك؟
- وكيف نستفيد من السنة المطهرة في حياتنا اليومية، من غير غلو في فهمها وتطبيقها، ولا تقصير في التمسك بها؟
النصوص المؤطرة للدرس:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾.
[سورة آل عمران، الآية: 164]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالِ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلِ الْجَاهِلِينَ».
[أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد]
دراسة النصوص وقراءتها:
I – عرض النصوص وقراءتها:
1 – الوقوف على قاعدة من قواعد التجويد (الإخفاء):
الإخفاء: تعوض فيه النون الساكنة بغنة تخرج من الخيشوم، وتخفى إذا أتت قبل خمسة عشر حرفًا، وهي المرموز إليها في أوائل البيت الآتي:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ۩۩۩ دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
II – توثيق النصوص والتعريف بها:
1 – التعريف بسورة آل عمران:
سورة آل عمران: مدنية، عدد آياتها
200 آية، وهي السورة الثالثة من حيث الترتيب في المصحف الشريف، نزلت بعد
سورة الأنفال، سميت بذا الاسم لورود ذكر قصة أسرة آل عمران (والد مريم أم
عيسى عليهما السلام) فيها، وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة
مريم عيسى عليهما السلام، سورة آل عمران من السور المدنية الطويلة، وقد
اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين، هما: ركن
العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا، وركن التشريع
وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله.
III – فهم النصوص:
1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:
- من أنفسهم: من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به.
- يتلو عليهم آياته: يعني القرآن.
- يزكيهم: أي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكوا نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث.
- يعلمهم الكتاب والحكمة: يعني القرآن والسنة.
- وإن كانوا من قبل: أي من قبل هذا الرسول.
- لفي ضلال مبين: أي لفي غي وجهل ظاهر جلي.
- هذا العلم: العلم الذي جاء به الرسول ﷺ.
- الخلف: هو العقب الصالح الذي يأتي بعد السابق.
- عدوله: هم العلماء المحدثين ونقلة العلم والأخبار الذين عدلهم الرسول ﷺ وزكاهم.
2 – المضامين الأساسية للنصوص:
- يتناول النص الأول مهام الرسول ﷺ التي تتكون منها سنته.
- يتناول النص الثاني ضوابط فهم السنة وشروط المستدل بها.
تحليل محاور الدرس ومناقشتها:
I – السنة النبوية: مكوناتها وخصائصها ومقاصدها:
1 – تعريف السنة النبوية:
السنة: لغة: ما يتخذه الإنسان
لنفسه أو لغيره من طريقة في السلوك محمودة كانت أو مذمومة، واصطلاحا: ما
صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وتتضمن أيضا
صفاته وشمائله وسيرته.
2 – مكونات السنة النبوية:
انطلاق من التعريف السابق يتبين أن السنة أنواع:
- السنة القولية: وهي ما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم في مختلف الأغراض والمناسبات من غير اقترانه بفعله.
- السنة الفعلية: وهي الأعمال التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم على وجه البيان أو التبليغ، سواء اقترنت بقول أو لا.
- السنة التقريرية: سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول أو فعل صدر عن الصحابة علم به أو تم بحضوره صلى الله عليه وسلم.
- صفته صلى الله عليه وسلم: وتشمل أوصافه الخلقية والخلقية.
- سيرته صلى الله عليه وسلم: الأحداث التاريخية المتعلقة بحياته وبالواقع حوله منذ الولادة إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم.
3 – خصائص السنة النبوية:
تتميز السنة النبوية بعدة خصائص، نذكر منها:
- خاصية الشمول: بحيث تشمل كافة مناحي حياة الإنسان سواء المتعلقة بحق الله أو حقوق الناس.
- خاصية التوازن: يميز السيرة النبوية سيرها وفق منهج معتدل وسط لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير.
- خاصية اليسر: تتميز السيرة النبوية باليسر والسهولة والسماحة، دون إحراج أو إرهاق.
4 – مقاصد السنة النبوية:
وهي تتحدد من خلال مهامه ﷺ:
- تبليغ القرآن الكريم.
- البيان للبلاغ القرآني وتوضيحه وتفصيله.
- التعليم والتربية والتزكية.
- التجسيد العملي للبلاغ القرآني .
II – السنة النبوية مصدر للمعرفة والتشريع في الإسلام:
السنة كمصدر للمعرفة إلى جانب القرآن الكريم انطلاقا من الاعتبارات الآتية:
- السنة وحي من الله تعالى.
- السنة المصدر الثاني للأحكام الشرعية.
- السنة تطبيق نموذجي للبلاغ القرآني.
- السنة مصدر للهداية.
- السنة ترسم المنهج التفصيلي للحياة.
III- مبادئ الفهم وضوابط العمل بالسنة النبوية:
ذكر العلماء جملة من الضوابط التي ينبغي مراعاتها والالتزام بها للوصول إلى الفهم الصحيح والتطبيق الأمثل للسنة النبوية، ومنها:
- الاستيثاق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة التي وضعها علماء الحديث المعتبرون.
- جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد للتوفيق بينها عند الإمكان، والترجيح بينها عند تعذر ذلك.
- فهم الحديث النبوي وفق دلالات اللغة العربية، وعلى هدي سياق الحديث وسبب وروده.
- فهم السنة في ضوء القرآن الكريم: فلا يمكن حصول التعارض بين سنة صحيحة ومحكمات القرآن.
ولذا ينبغي ترك ذلك للعلماء المتخصصين للتدقيق والتحري وعدم التسرع في
رد الأحاديث بناء على الوهم أحيانا، ومحاولة تشويه الإسلام والنيل منه
أحيانا أخرى.